"تقرير المهرية نت"التصنيف الأمريكي للحوثيين خطوة انتقامية لا تكبح الجماعة وتفاقم الوضع الإنساني في اليمن
بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إعادة تصنيف جماعة “أنصار الله” الحوثيين منظمة إرهابية عالمية، وإيقاف برنامج الأغذية العالمي قبل أكثر من شهر، برنامج المساعدات الغذائية العامة شمالي اليمن، وكذلك تعليق بعض المنظمات الإنسانية عملياتها بسبب مخاوف أمنية بعد الضربات الغربية على الحوثيين، يرجح أن يؤدي كل هذا إلى مفاقمة الوضع الإنساني المتردي، والذي ينذر بخطر في البلد الأشد فقراً في شبه الجزيرة العربية، ولديه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بحسب الأمم المتحدة.
وأمس الأربعاء، أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، أن بلاده أعادت إدراج جماعة الحوثي في اليمن "منظمة إرهابية عالمية، وأن التصنيف سيسري خلال 30 يوما لمنحنا الوقت لتقليل آثار هذا القرار على الشعب اليمني”، وأوضح أنه إذا أوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر، فإن واشنطن ستدرس رفع هذا التصنيف.
وفي أول رد فعل على القرار الأمريكي، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، إن خطوة الولايات المتحدة "لن تؤثر على موقفنا في مساندة فلسطين وأن الهجمات على السفن المتجهة لإسرائيل ستستمر".
ووصف عبد الملك العجري، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي ، القرار بأنه "ابتزاز أميركي غير مشروع" ليس له قيمة، مشيرا إلى أن بلاده لن تخضع لمثل هذا الابتزاز".
وأضاف العجري قائلا "واقعيا سيكون هذا التصنيف تحصيل حاصل، لأن اليمن يعاني حصارا اقتصاديا منذ تسع سنوات، والسويفت (نظام جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) في اليمن محاصر، وتم نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء، وهناك صعوبة موجودة بالفعل في عمليات نقل الأموال، أي أن الموضوع سيكون فرض عقوبات داخل عقوبات ولن يضيف جديدا".
وأردف: "بعض المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن ستتأثر من هذا القرار، أي أنه لن يكون موجها لجماعة أنصار الله، لأنه لا توجد للجماعة مؤسسات مالية ولا تحويلات مصرفية ولا أرصدة في الخارج، وبالتالي لن تتأثر الجماعة بشيء".
وبعد ساعات من إعلان واشنطن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، تعرض سفينة لهجوم بطائرة مسيرة جنوب شرق عدن، ونقلت قناة الجزيرة عن مسؤول أمريكي بتعرض سفينة تجارية مملوكة لشركة أمريكية لهجوم من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
ويدخل تصنيف جماعة الحوثي حيز التنفيذ في 16 فبراير القادم، مما يمنح إدارة بايدن شهرا لضمان عدم تأثر المجموعات الإنسانية والشركات التي تقدم السلع الضرورية للحياة إلى اليمن بتصنيف الإرهابيين وفقاً لمسؤولين الأمريكيين.
*فشل أمريكي
وتعليقا على هذا القرار الأمريكي، أفاد مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي أن ذلك يشير إلى فشل سياسة واشنطن.
وأضاف الرحبي على صفحته في منصة " إكس": "إدراج الحوثي على قائمة الإرهاب محاولة أمريكية للضغط عليهم بعد أن فشلت أمريكا في إيقاف الإجراءات التي اتخذتها الجماعة للوقوف مع غزة وفلسطين".
وأضاف:" تؤكد أمريكا أنها تستخدم شماعة الإرهاب لقمع كل من يرفض توجيهاتها وهي دولة إرهابية وراعية للإرهاب العالمي بدعمها المباشر بالسلاح الفتاك للكيان الصهيوني".
يفاقم الوضع الاقتصادي
واشنطن تعيد قرار تصنيف جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن منظمة إرهابية عالمية محددة بشكل خاص، حيث كانت قد ألغت تصنيفها كمنظمة إرهابية في العام 2021، بسبب المخاوف من الإضرار بآفاق محادثات السلام وإلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد اليمني في بلد يواجه شبح المجاعة.
ويحول إدراج جماعة الحوثي في قائمة المنظمات الإرهابية دون وصولها إلى النظام المالي العالمي فضلا عن عقوبات أخرى، مما يؤدي إلى توقف التدفق المالي إلى مناطق سيطرة الحوثيين الأكثر كثافة بالسكان في اليمن، مما يفاقم الوضع الاقتصادي المتهالك.
ويعتبر تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عالمية بشكل خاص تحت أمر تنفيذي، أقل حدة من تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية من قبل وزارة الخارجية، وتحت التصنيف الجديد سيتم تجميد جميع أصول الأفراد أو الكيان المدرج ضمن الولاية القضائية للولايات المتحدة ويمنع الأشخاص الأميركيون من المشاركة في أي معاملات مالية أو تجارية معهم.
وصرح مسؤول بالخارجية الأميركية على أن "الهدف النهائي للعقوبات إقناع الحوثيين بوقف التصعيد في البحر الأحمر وإحداث تغيير إيجابي في سلوكهم. وأكد أنه " إذا أوقف الحوثيون هجماتهم فيمكننا النظر في حذف التصنيف".
التصنيفات لا تؤثر على قوة الحوثيين
ويرجح مراقبون عدم فعالية خطوة واشنطن في تصنيف الحوثيين، ولا تساعد على كبح جماح الجماعة والحد من الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.
ويقول ديف هاردن، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخارجية خدم في إدارتي ترامب وأوباما، إن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية يمكن أن يشجع الحوثيين، مما يشير إلى أن تكتيكاتهم ناجحة، وفقاً لموقع “ذا هيل” القريب من الكونغرس".
وأضاف ” جماعة الحوثي لا تهتم بتصنيفها “منظمة إرهابية أجنبية” بموجب القانون الأمريكي، وعلى الأرجح هي تحب ذلك".
وتابع: “إنهم لا يتعاملون مع البنوك ولا يتسوقون ولا يسافرون ولا يشاركون في الاقتصاد الغربي. إنهم ليسوا مثل (وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف). هؤلاء الرجال، هذا لا يؤثر عليهم، وإذا كان هناك أي شيء، فهو وسام شرف".
وأردف هاردن: "من العدل الاعتراف بالمخاوف بشأن منع تسليم المساعدات الإنسانية أو السلع التجارية إلى اليمن، لكن الحوثيين يهددون بذلك على أي حال من خلال مهاجمة السفن في البحر الأحمر".
من جانبه، قال المكتب السياسي لجماعة الحوثي في بيان له، إنه بعد غاراتها مع بريطانيا على اليمن والجريمة بحق قوات البحرية ورعايتهما الجرائم الصهيونية بغزة، تعمد أمريكا لما تسميه بالتصنيف في لائحة الإرهاب، معتبرا أنه "سلوك مثير للسخرية" حيث يأتي تصنيفك من قبل "دولة الإرهاب العالمي".
وأضاف أن التصنيف الأمريكي للجماعة في هذه المرحلة "وسام شرف يتقلدونه لموقفهم المساند للشعب الفلسطيني".
وأكد البيان، أن التصنيف لا قيمة عملية له، مشيرا إلى أن "أمريكا عمليا هي من تقف وراء معاناة اليمن بتصنيف وبدون تصنيف، واليمن يخضع لـ "حصار اقتصادي من قبل أمريكا وهناك استهداف للنظام المصرفي في اليمن الذي هو معطل من قبل الأمريكيين طيلة الأعوام الماضية".
ويهدف تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية إلى تعطيل الدعم المالي لمثل هذه المجموعة، مما يمنح وزارة الخزانة يدًا أوسع لإصدار العقوبات والإشارة إلى الحكومات الأجنبية الأخرى أو الأشخاص أو الشركات بأنها قد تفقد إمكانية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي إذا انخرطت في العقوبات.
خطر كبير على المنظمات الإنسانية
أعربت 26 منظمة يمنية ودولية بينها "إنقاذ الطفولة " و"المجلس النرويجي للاجئين" في بيان مشترك عن "قلقها البالغ إزاء الآثار الإنسانية للتصعيد العسكري الأخير في اليمن والبحر الأحمر".
وذكرت المنظمات إنه في أعقاب الضربات الأميركية والبريطانية "اضطرت بعض المنظمات الإنسانية إلى تعليق عملياتها بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن، بينما تقيّم منظمات أخرى قدرتها على العمل".
وأكدت أن المنظمات الإنسانية في بيان مشترك "بدأت تشعر بالفعل بتأثير التهديد الأمني في البحر الأحمر، إذ يؤدي تعطيل التجارة إلى ارتفاع الأسعار والتسبب في تأخير شحنات السلع المنقذة للأرواح".
ويقول بروس ريدل، زميل بارز غير مقيم في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز ومؤلف كتاب “أمريكا واليمنيون: مواجهة معقدة ومأساوية”، إن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية لا يزال يشكل خطراً كبيراً على المنظمات الإنسانية، وأن تصنيف الجماعة منظمة إرهابية يمكن أن تدفع الحوثيين إلى الاقتراب من إيران".
وأضاف: "الحوثيون جهة فاعلة مستقلة للغاية، وهم ليسوا مثل حزب الله (في لبنان)، إنهم ممثلون مستقلون محليون، لكن كلما تعرضوا لهجوم أكبر، فمن الطبيعي أن يتوجهوا إلى الإيرانيين للحصول على المزيد من المساعدة، وهو ما لا أعتقد أنه في مصلحتك واشنطن".
وتثير تصنيف إدارة بايدن للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية إلى مخاوف كبيرة لدى اليمنيين، من أن مثل هذا التصنيف سيمنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المحتاجين ، حيث يعتمد أكثر من 75 في المئة من اليمنيين على المساعدات للعيش وسط أزمة اقتصادية حادة تسببت بها الحرب وانهيار العملة والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد والتجارة مع الخارج.